الطريقُ المُزلَزِل:
قال تعالى : "(وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب")
هذه تجلية، وفصل من فصول البلاء الاختباري ، الذي يعتري المسيرة الدعوية (وزلزلوا) بلاء
شديد ، وكرب عنيف ، كأنه الزلزلة التي لايُدرَك وقعها، ولا توعَى بلواها، ولا يستقر للانسان معها قرار ، وتكون مشحونة بكل صور الخوف الرهيب والهلع الشديد ، وربما وصلت إلى الإخراج والنفي، وتجرّع عذابات أخرى متزايدة.
وفي أول الآية ذكر بلويبن (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُم
ْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا) (البقرة:214).
الأولى : البأساء وهي الفقر والحاجة
.
الثانية : الضراء وهي الأمراض والآلام والمصائب.
ثم عقب بالثالثة : الزلزلة، أي أزعجوا ازعاجاً شديدا،ً بما أصابهم من الشدائد.
وخلاصة فقه الآية، أن تحقيق النجاح، وبلوغ الجنان لا يأتي بسهولة، بل لابد له من ثمن من
الإيمان الصابر، الذي يتجاوز كل هذه الأشواك والبلاءات، لينتهي بعدها إلى سعادة غامرة، وعيشة راضية.
وقد قيل إن هذه الآية وفقهها العظيم قد نزلت في (الخندق) لما ابتلوا بالبلاء والشدة والبرد
والحصار، وقيل بل نزلت في (أحد) وقيل غير ذلك.
والمقصد أنها قاعدة متينة لفقه المسيرة الدعوية.
فلستم بأحسنَ من الأوائل وقد خالطهم الفقر، وماسهم المرض، واجتاحتهم الزلزلة المخيفة
، والشديدة المُريعة حتى استبطأوا النصر وزوال الظالمين، فرد الله عليهم برحمته (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214).
__________________________________________ هل ترغب في نشر إيميل عبر كوفينا ماعليك سوى ارسال مشاركتك على العنوان التالي وسيتم مراجعتها ونشرها
للاشتراك في مجموعة كوفينا إرسل إيميل فارغ الى العنوان التالي
ارشيف الايميلات على مدونة كوفينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق