مرحبا بكم في مجموعة كوفينا البريدية

الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

قواعد قرآنية : القاعدة التاسعة


009قواعد%20قرآنبة.png?psid=1


قواعد قرآنية : القاعدة التاسعة



{ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } . آل عمران : 36 (1)



الحمد لله ، وبعد : هذه حلقة جديدة من برنامج : (قواعد قرآنية ) ، لنقف في هذه الحلقة مع قاعدة من القواعد القرآنية العظيمة ، و التي هي أثر من آثار كمال علم الله عز و جل ، وحكمته وقدرته في خلقه ـ، تلكم هي القاعدة التي دل عليها قوله تعالى : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } ،، آل عمران : 36


وهذه الآية جاءت في سياق قصة امرأة عمران ، وهي والدة مريم ـ عليهما جميعا السلام ـ يقول تعالى : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} ،،، آل عمران: 35، 36


وخُلاصة القصة : أن امرأة عمران ـ وهي أم مريم عليهما السلام ـ قد نذرت أن يكون مولودها القادم خادما لبيت المقدس ، فلما وضعت مولودها ، قالت معتذرة لربها : {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} ،،، فإن قدرة الذكر على خدمة بيت المقدس ، و على القيام بأعباء ذلك لا شك أنها أكثر من الأنثى التي جبلها الله تعالى على الضعف البدني ، و ما يلحقها من العوارض الطبيعية التي تزيدها ضعفاً : كالحيض ، والنفاس و غير ذلك ..


ومن اللطائف في تركيب هذه القاعدة : أن الله تعالى قال : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } ،،، مع أن قائلا قد يقول لو قيل : "وليست الأنثى كالذكر" لحصل المقصود ، ولكن الحُكمة في ذلك ( و الله تعالى أعلم ) أنه لما كان الذَّكر هو المقصود قُدّم في الذِّكر ؛ ولأنه هو المرجو المأمول فهو أسبق إلى لفظ المتكلم .. يُنظر: التحرير والتنوير 3/ 86.


ولقد بين القرآن هذا التفاوت بين الجنسين في مواضع كثيرة ، منها : قوله تعالى : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، فقوله : { بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ } : هم الرجال ، و قوله : { عَلَى بَعْضٍ} : وهن النساء ،


ومن الآيات التي بينت هذا التفاوت بين الجنسين : قوله تعالى : {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } ، و السبب في ذلك ظاهر فإن في الذكورة كمالا خلقيا ، وقوة طبيعية ، وشرفا وجمالا ، و في الأنوثة نقص خلقي ، وضعف طبيعي ، كما هو محسوس مُشاهد لجميع العقلاء ، لا يكاد يُنكره إلا مُكابر ، وقد أشار الله جل وعلا إلى ذلك بقوله : { أَوَ مَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } ،،، [الزخرف: 18] ؛ فإن الأنثى تتنشأ و تتربي في الحلية ، أي : الزينة ـ من أنواع الحلي والحلل ـ لتجبر بذلك نقصها الخَلْقي ) ،،، يُنظر : أضواء البيان 3/498 ط .الراجحي .


بل يُقال : إن بعض ما جبل الله عليه الأنثى هو نوع من الكمال في حقها ، وإن كان نقصاً في حق الرجال ، ( ألا ترون أن الضعف الخَلْقي والعجز عن الإبانة في الخصام عيب ناقص في الرجال ، مع أنه يُعد من جملة محاسن النساء التي تجذب إليها القلوب) .. يُنظر : أضواء البيان 3/501 ط.الراجحي .


هذا هو حكم الله القدري : أن الذكر ليس كالأنثى ، وهذا هو حكم الأعلم بالحِكَمِ والمصالح ـ، و هذا كلام الذي خلق الخلق ، وعَلِمَ ما بينهم من التفاوت والاختلاف ، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ،،، [الملك : 14] ، وقد تفرع على ذلك : اختلاف بين الذكر والأنثى في جملة من الأحكام الشرعية ـ وإن كانا من حيث الأصل سواء ـ.


وهذا الاختلاف في الأحكام الشرعية بين الذكر والأنثى راجع إلى مُراعاة طبيعة المرأة من حيث خلقتها ، وتركيبها العقلي ، والنفسي ، وغير ذلك من صور الاختلاف التي لا ينكرها العقلاء والمنصفون من أي دين ، وليعلم المؤمن هنا قاعدة تنفعه في هذا الموضع ، وفي مواضع كثيرة ، وهي : أن الشرع لا يمكن أن يفرق بين مُتماثلين ، ولا يجمع بين متناقضين ، وشأن المؤمن الحق أن لا يُعارض الشرع بعقله القاصر ، بل شأنه أن يتلمس الحكم من وراء ذلك التفريق ، أو هذا الجمع .


ومن توهم ـ من الجهال والسفهاء ـ أن الذكر و الأنثى سواء فلقد أبطل دلالة القرآن والسُنة على ذلك :
أما إبطاله لدلالة القرآن فإن القاعدة التي نخن بصدد الحديث عنها من أبين و أوضح الأدلة على هذا ، وأما السُنة فإن النبي صلى الله عليه و سلم لعن المُتشبهين من الرجال بالنساء ، والمُتشبهات من النساء بالرجال ـ كما ثبت ذلك في البخاري من حديث ابن عباس رضى الله عنهما ، فلو كانا مُتساويين لكان اللعنُ باطلاً ، ومعاذ الله أن يكون في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لغو أو باطل !


وعَوداً على هذه القاعدة : { وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى } ، فلنتأمل شيئاً من حِكَمِ الله تعالى في التفريق بين الذكر والأنثى في بعض الأحكام الشرعية ، ومن ذلك :


1 ـ التفريق في الميراث : فلا يستريب عاقل أن سنة الله عز و جل اقتضت أن يكون الرجل هو الذي يكدح ويتعب في تحصيل الرزق ، وهو الذي يُطلب منه دفع الميراث ، والمُشاركة في دفع الدية ـ عند قيام المُقتضي لذلك ـ فالذكر مُترقب دوماً للنقص من ماله ، بعكس الأنثى فهي دوماً تترقب الزيادة في مالها : فهى تنتظر المال حينما تُخطب و يُدفع لها المهر ، و هى تنتظره أيضا حينما يُنفق عليها وليها .

يقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي ( رحمه الله ) : "وإيثارُ مُترقب النقص دائماً على مُترقب الزيادة دائماً ـ لجبر بعض نقصه المُترقب ـ حكمتُه ظاهرة واضحة ، لا يُنكرها إلا من أعمى الله بصيرته بالكُفر والمعاصي " ،،، يُنظر : أضواء البيان 3/500 ط. الراجحي


2 ـ التفريق في الشهادة : وهذا نصت عليه آية الديّن في سورة البقرة ، يقول الله عز وجل : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ،،، [البقرة: 282] ،أى : خشية أن تنسي إحداهما ، فتُذكرها الأخرى و قد دلت علي ذلك السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه و سلم ، والذي بيّن أن هذا هو نقصٌ عقلها .


وهذا التفريق ـ لمن تأمله ـ عين العدل ، يقول الشيخ السيد رشيد رضا : مُبيناً هذا المعنى : "إن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمُعاملات المالية ونحوها من المُعاوضات ، فلذلك تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية ـ التي هي شغلها ـ فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعني أن طبع البشر ذكراناً وإناثاً أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها ، ولا يُنافي ذلك اشتغال بعض النساء الأجانب في هذا العصر بالأعمال المالية فإنه قليل لا يُعول عليه ، والأحكام العامة إنما تُناط بالأكثر في الأشياء وبالأصل فيها ." ،،، انتهى . تفسير المنار 3/104


ولا يظنن أحدٌ أن في ذلك انتقاصاً لقدرها ، بل هو تنزيهٌ لها عن ترك مُهمتها الأساسية في التربية والقرار في البيت ، إلى مُهمة أقل شأناً وسُموا ، وهي ممارسة التجارة والمعاملات المالية !

وقد أشار فريق من الباحثين إلى أن المرأة الحامل ينكمش عندها حجم الدماغ ، ولا يعود لحجمه الطبيعي إلا بعد أشهر من وضعها .


ولُيعلم أن هذا الحكم ـ أعني كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل ـ ليس مُطرداً في جميع الأبواب الفقهية ، بل إنها مثل الرجل في كثير من الأحكام ، كشهادتها في دخول شهر رمضان ، وشهادتها في باب الرضاع ، و شهادتها في باب الحيض ، والولادة ، و في باب اللعان وغير ذلك من الأحكام .


ونحن بحمد الله مؤمنون بحكم الله وقدره ، ولا تزيدنا البحوث الحديثة إلا يقيناً ، ونقطع بأن أي بحث يُخالف صريح القرآن فنتيجته غلط و لا بُد ، وإنما أُتي صاحبها من سوء فهمه .



وليس هذا التفريق بين الذكر والأنثى كله في صالح الرجل، بل جاءت أحكام تُفرق بينهما تفريقاً لصالح المرأة ، ومن ذلك : أن الله عز و جل لم يُوجب على النساء جهادا ، و السبب ظاهر ، فإن طبيعة أجسادهن و خلقتهن لا تُناسب ذلك و لاتحتمله ، فسبحان العليم الحكيم الخبير .
انتهى وقت الحلقة ، لكن حديثنا عن هذه القاعدة لم ينتهي ، بل له صِلة في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى ..


--
  

             

                                           


__________________________________________
هل ترغب في  نشر إيميل عبر كوفينا  ماعليك سوى ارسال مشاركتك على العنوان التالي وسيتم مراجعتها ونشرها 
للاشتراك في مجموعة كوفينا إرسل إيميل فارغ الى العنوان التالي 
ارشيف الايميلات على مدونة كوفينا 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق